إعداد: basel salahieh
لقاء مع الدكتور محمد حيّان السباعيّ
يونيو 25, 2018

 لقاء مع الدكتور محمد حيّان السباعيّ

 إعداد المقال: ورود شليحة

التدقيق اللغوي: د. نسيم عبيد

في إطار إعداد سلسلة باحثون ومخترعون سوريون، التقت الجمعيّة السوريّة للبحث العلميّ بالدكتور حيّان السباعي وهو عضو مميز من أعضاء الجمعية السورية للبحث العلمي في ماليزيا وكان لنا هذا اللقاء، نرجو أن يكون ممتعاً وغنياً.

– أُرحب بك د. محمد حيّان السباعيّ، و أودّ أن أشكرك على هذه المقابلة، لنتحدّث بداية عن مجال دراستك، واختصاصك، والشهادات التي حصلت عليها؟
أهلا وسهلا بك، وشكراً على إتاحة المجال للحديث معكم من خلال الجمعية العلميّة للبحث العلميّ، بالنسبة للدراسة تخرجت من جامعة دمشق كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية باختصاص هندسة الإلكترون عام 2002، بعدها حصلت على دبلوم الدراسات العليا في البرمجة ونظم التشغيل، ثم عملت لفترة في جامعة دمشق بصفة مهندس مفرز، ودرّست في مخابر كليّة المعلوماتية قبل الحصول على منحة الحكومة اليابانيّة MEXT لدراسة الماجستير والدكتوراه، ثم حصلت على الماجستير والدكتوراه من جامعة تسوكوبا كليّة الدراسات العليا لهندسة النظم والمعلومات، كان اختصاصي في مجال علوم الحاسوب ونظم المعلومات.

– ما الاسباب التي دفعتك للسفر خارج سورية؟ وكيف قمت باختيار الجامعات التي درست بها؟ وما الفائدة التي حقّقتها من ذلك؟
الهدف الأساس للسفر التحصيل العلميّ والاطلاع على ثقافات وبيئات علميّة أخرى في بلد متطوّر تقنياً كاليابان، تمّ اختيار جامعة تسوكوبا بناء على اختيار المشرف، ولكونها جامعة تقع في مدينة تسوكوبا العلميّة التي تضمّ طلاباً وباحثين أجانب أكثر من غيرها ممّا يجعل التعامل والتأقلم مع البيئة أسهل، لأنّ الشعب الياباني منغلق قليلاً على ثقافته ولغته، استفدت على الصعيد العلميّ والعمليّ من أسلوب الحياة اليابانيّ.

– كيف بدأت مسيرتك مع الاختراعات؟
العمل الأكاديميّ ينقسم لشق تعليميّ وشق بحثيّ، وأهدف في عملي البحثيّ إلى تطوير أفكار عمليّة وجعلها أكثر فائدة وقابلية للتطبيق بما يناسب الواقع المحليّ، وبفضل الله استطعت أن أخطو خطوات جيدة في مجال تقديم حلول عمليّة قابلة للتصنيع.

– ما المصاعب التي واجهتك في مشوارك الاختراعيّ؟
طبيعة التحدّيات في مجالنا تنقسم لقسمين:
أ‌- صعوبات في الحقل الأكاديميّ وتتركّز في: مشاكل تقنية تواجه كلّ عمل تطويريّ أو بحثيّ مثل نقص المعرفة أو نقص الخبرة أو نقص المواد الأوّلية بالإضافة لأهمية العمل الجماعيّ والتعاون مع أصحاب الاختصاصات الأخرى ممّا يعني وجود صعوبات في تنسيق العمل، وهناك أيضاً مشاكل التمويل فالمشاريع التقنية تحتاج لشراء معدّات ليست رخيصة فالصعوبات دائماً تتمثّل في إيجاد تمويل وإقناع الجامعة أو الوزارة أو الجهات الممّولة بالموافقة على تمويل اقتراح البحث المقدّم.
ب‌- مشكلة الأجنبي في ماليزيا أو في غير بلاده بشكل عام، فمثلاً هناك عدد من الامتيازات والمنح في ماليزيا غير متاحة للأجانب، كما أن عقود عملنا محدودة المدّة ممّا يجعل البعض معرضين للاستغلال.

– هل بالإمكان إلقاء الضوء على اختراعاتك التي أنجزتها و ما أحبّها إليك؟
أعمل في مجالات الرؤية الحاسوبيّة وأحاول ربطها بتطبيقات عملية تتعلّق بنظم النقل الذكية والروبوتات المتحرّكة، وحالياً أعمل على مشروعين:
المشروع الأوّل يتعلّق بسلامة السائق من خلال كاميرا الهاتف الذكيّ أو الكمبيوتر اللوحيّ، حيث أعمل على تطوير تطبيق يكتشف حالة السائق من خلال تعابير وجهه وفي حال الخطأ يتمّ إصدار تنبيه للسائق، وفي حال لم يستجب يتمّ تفعيل نظام قيادة آليّ لإيقاف السيارة على البانكيت أو مسرب الأمان لتفادي الحوادث، الجديد في بحثي هو ربط نظام التوقّف التلقائيّ مع التعرّف على الوجوه في بنية متكاملة وهو ما قدّمنا براءة الاختراع فيه، وهناك نظام مرتبط بهذه الفكرة يعمل على مراقبة السائق وبعث تحديثات دوريّة عن حالته من خلال ما يعرف بإنترنت الأشياء.
المشروع الثاني تطوير أجهزة إضافيّة يتمّ تركيبها على الكراسي المتحرّكة بطريقة صلّ وشغّل plug and play لإعطائها ميزات إضافيّة خاصّة بالتكنولوجية المساعدة، الجهاز الأوّل ضمن هذا “مشروع الكرسيّ الكهربائيّ” تمّ إنجازه، وهناك مشاريع مستقبليّة لتطوير أجهزة إعادة تأهيل طبيّ وتحويل الكرسي إلى كرسي ذاتي الحركة، هذا المشروع يستحوذ على اهتمامي أكثر لأنّه وثيق الارتباط بالتنمية الاجتماعيّة.

– هل يساعد اختراعك ” الكرسيّ المتحرّك” جميع أنواع الإعاقات الجسميّة وكيف يتمّ التحكّم به؟ ما آلية عمله ومكوّناته؟ وما تكلفته وسعره؟ ما حجمه؟ هل توجد جهة معينة تبنّت تصنيعه؟ وهل تعمل على طرح الكرسيّ في الأسواق السوريّة؟
نعمل على الاستفادة من الملاحظات والاقتراحات التي حصلنا عليها من كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصّة لتطوير عدّة أجهزة مكمّلة للكرسيّ المتحرّك والهدف الأساسي تسهيل حياة ذوي الحاجة بتصنيع تجهيزات بسيطة قابلة للإضافة للكرسيّ بسعر مقبول لأكبر شريحة اجتماعية ممكنة في البلدان النامية، بالنسبة لآلية العمل، للأسف لا يمكنني إعطاء الكثير من التفاصيل حالياً لأنّ الحديث تقني قليلاً والمشروع ما يزال قيد التطوير، ولم ينجز بشكل كامل وليست كلّ التفاصيل جاهزة خصوصاً التكلفة النهائيّة وسعر التسويق ويوجد جزء منها لا يمكن الإفصاح عنه بسبب حقوق الملكيّة الفكريّة للجامعة، حيث نفكّر أن نعتمد على تجهيزات الجامعة ومخابرها لإنتاج الجهاز الأوّل لتقليل تكلفة الإنتاج والوسطاء، توجد حالات كثيرة في سوريّة بحاجة للاستفادة من ميزات الكرسيّ، وإنني أقوم بالمناقشة مع الجامعة الماليزيّة حول مدى إمكانيّة طرحه في الأسواق السوريّة.

– ما سبب اختيارك للإقامة في ماليزيا؟ وما نظرتك للمجتمع الماليزيّ وللتقدم العلميّ فيها؟ ما رأيك بالواقع الاستثماريّ في ماليزيا؟
أهتمُّ بالتجربة الآسيويّة من حيث إنها بلدان ناهضة حديثاً فبعد اليابان كانت ماليزيا الدولة الساعية إلى النهضة، المجتمع الماليزي متنوع ولطيف ومتقبّل للأجانب بحكم كون ماليزيا بلداً سياحياً ويحبّون الشعوب العربية بحكم الثقافة الإسلامية المشتركة، التقدم العلميّ مقبول في ماليزيا، والماليزيون يتمتّعون بقدرات تسويقيّة وترويجيّة جيدة، ويجيدون استعمال الوسائل التقنية كالمواقع الإلكترونيّة ووسائل التواصل الرقميّ، ماليزيا بلد مفتوح استثماريّاً، وهناك شركات عالمية تستثمر في ماليزيا، ويلاحظ نشاط المستثمرين الصينيين بحكم العلاقات مع المواطنين الماليزيين من ذوي الأصول الصينية أو ما يعرف بصينيي ماليزيا، وتشجّع الحكومة الماليزية على الاستثمار المحليّ أيضاً، فبالنسبة للمواطنين الماليزيين هناك مشاريع دعم حكوميّ للشركات الرائدة وتشجيع كبير حتّى للطلاب للبدء بمشاريع استثمارية صغيرة.

– كيف تُسوّق اختراعاتك ومن الذي يموّلها؟
حصلت على تمويل من وزارة التعليم العالي للمشروع الأوّل وتمويلين من الجامعة للمشروع الثاني، ونفكّر بتقديم اقتراح بحث لوزارة الصناعة للحصول على تمويل، وأحد التمويلين من الجامعة لمشروع الكرسي هو المنحة الخاصّة بالتسويق المجتمعيّ. يتمّ التسويق من خلال شركة خاصّة مستقلّة تجاريّاً لكن تتبع للجامعة تدعى UMP Holdings والعملية التسويقية للكرسي ماتزال قيد العمل.

– ما المعارض التي شاركت بها؟ وما الجوائز التي حصلت عليها؟ وما شعورك لحظة حصولك على الجائزة؟
هناك “معرض الابداع والاختراع التقنيّ والعلميّ” أشارك به كلّ سنة، يحتوي قسمين؛ قسم خاص بالطلاب، وقسم خاص بالكادر التدريسيّ، وقد حصلت على الميدالية الذهبيّة فيه مرتين، مرّة عن مشروع سلامة السائق عام 2015 ، ومرّة عن مشروع الكرسيّ هذه السنة بالإضافة لجائزة أفضل مشروع ضمن فئة مشاريع الهندسة التقنيّة، بالإضافة لعدّة ميداليات فضيّة عن مشاريع أخرى، كما وحصل مشروع سلامة السائق على الميدالية البرونزيّة في معرض التقنيات الماليزيّ الوطنيّ، وبالنسبة لشعور المرء عندما يتكلّل عمله بالنجاح والتقدير، لا يمكن وصفه فهو مزيج من الفخر والسعادة، وهو شعور محفز للمزيد من العمل والنشاط.

– ما الإنجازات التي تسعى الى تحقيقها؟ وما الأبحاث والدراسات التي تقوم بها في الوقت الحالي؟
أركز حالياً على مشروع الكرسي الكهربائي بشكل أكبر، وأسعى لتطوير العتاد القابل للحمل والتنقل بنسخته التجارية، وأحاول جعله بتكلفة مقبولة، المشاريع المستقبلية هي مشروع الكرسي ذاتي الحركة لتسهيل حركة ذوي الإصابات أو الأمراض الصعبة الذين يجدون صعوبة في تحريك الكرسي يدويّاً.
حبذا لو تحدثنا عن الكتاب الذي قمت بتأليفه ماذا يتضمّن؟
قمت بإعطاء دورة مكثفة للطلاب في الكليّة التي أعمل بها مجاناً كلّ عام لمساعدتهم في مشاريع التخرّج باستعمال المتحكّمات الصغريّة، هذه الدورة تركّز على الآردوينو (Arduino) وهو لوح تطوير إلكترونيّ يتكوّن من دارة إلكترونيّة مفتوحة المصدر مع متحكّم صغريّ وهو مصمّم لتسهيل استخدام الإلكترونيّات، ولذلك فكّرت في تجميع وتبسيط المعلومات المتعلّقة به للقارئ المهتمّ بهذا اللوح الإلكترونيّ ليكون مدخلاً للمهتمّين وعندي مشاريع مماثلة باللغة العربيّة.

– هل تودّ توجيه اقتراحات أو نصائح الى الطلاب والباحثين الجدد؟ وما النقاط التي تتمّنى من الطلاب التركيز عليها؟
العقل العربيّ ليس مختلفاً عن العقل اليابانيّ أو الماليزي، والكثير من طلابنا وكوادرنا يتمتّعون بقدرات أفضل، لكن ينقصنا التركيز في مجال محدّد، ولا بدّ من العمل الدؤوب المرتبط بالثقة بالنفس والإيمان بالفكرة حتى لو لم تلق الترحيب في البداية، ونتمنى أن نجد دعماً حكومياً وتوضيحاً أكبر لمفهوم البحث العلميّ وأهدافه، ربما المجال ضيق لذكر الكثير من المفاهيم لكنني أخطط للعودة إلى سورية قريباً وسأحاول العمل على نشر ثقافة البحث العلميّ ضمن الأشياء التي تعلمتها، ولذلك أنا سعيد بالانضمام للجمعية العلميّة للبحث العلميّ.

كل الشكر للدكتور حيان السباعي
نرجو أن تكون هذه المقابلة قد أضافت لكم متابعينا الأعزاء

شاركها !