بواسطة: قسم “الإيكونيميست يشرح” في مجلة الإيكونوميست.
ترجمة وتدقيق لغوي: لمى عبد الستار
تاريخ النشر الأصلي: 6 شباط 2023
المقالة باللغة الإنكليزية
https://www.economist.com/the-economist-explains/2023/02/06/what-made-the-earthquake-in-turkey-and-syria-so-deadly

ملخص

بالإضافة إلى القوة المطلقة للزلزال، كانت المنطقة غير مهيأة لمثل هذه الكارثة.

الحدث:

أضنة، تركيا – 6 فبراير: أجرى الأفراد عمليات البحث والإنقاذ في أضنة، تركيا بعد زلزال بقوة (7.7) و(7.6) درجة ضرب منطقة كهرمان مرعش في 6 فبراير 2023. الساعة 4.17 صباحاً (0117 بتوقيت جرينتش) وكان مركزه (epicenter) في منطقة بازارجيك ووقع زلزال بقوة (7.6) درجة في منطقة البستان في مقاطعة كهرمان مرعش في جنوب تركيا. تأثرت مقاطعات غازي عنتاب وشانليورفا وديار بكر وأضنة وأديامان ومالاتيا وعثمانية وهاتاي وكيليس بشدة من الزلازل. (يبدو أنه حتى ساعة كتابة هذا التقرير لم تكن هناك معلومات دقيقة عن الدمار الذي حصل في سوريا).
في التحديثات الأخيرة، ارتفع عدد الوفيات في تركيا إلى أكثر من 41 ألفاً وفي سوريا إلى ما يتجاوز 7 آلاف، وأكثر من 108 ألف مصاب في تركيا. إلى جانب آلاف المباني المدمرة بشكل كثيف في كلا البلدين والتي تجاوزت 139 آلفاً في تركيا، فيما لم تصدر معلومات موثقة عن حجم الدمار في سوريا (تقرير OCHA في 21 شباط 2023)

نص المقالة

في الساعات الأولى من يوم السادس من شباط (فبراير)، ضرب زلزال هائل جنوب تركيا وشمال سوريا. وسوى ذلك الزلزال آلاف المباني بالأرض، وحاصر سكانها تحت الأنقاض، وبعد ذلك حصلت عدة هزات ارتدادية واحدة منها تقريباً عنيفة مثل الزلزال الأول، أعقبت ذلك بساعات قليلة. في وقت نشر هذا التقرير، تم الإبلاغ عن مقتل أكثر من 3400 شخص، بالإضافة إلى العديد من الجرحى. يبدو أن الأرقام سترتفع بشكل مؤكد. قال رجب طيب أردوغان (رئيس تركيا)، إن البلاد اهتزت بسبب “أقوى كارثة منذ قرن”، لكن لماذا كان الزلزال مميتاً إلى هذا الحد، وما الذي كان يمكن فعله لحماية الناس منه؟
تحدث الزلازل بسبب تحركات الصفائح التكتونية (tectonic plates)، وهي أجزاء كبيرة من قشرة الأرض يتم جرها بواسطة تيارات الحمل الحراري في الوشاح الساخن أدناه. تختلف اللوحات في الحجم، إذ تبلغ مساحة لوحة خوان دي فوكا (Juan de Fuca plate) قبالة الساحل الشمالي الغربي لأمريكا تقريباً مساحة ولاية أوريغون المجاورة، وتحتل لوحة المحيط الهادئ ما يقرب من خمس سطح العالم. تتحرك الصفائح ببطء وفي بعض الأحيان تلتصق وتتكدس ببعضها البعض في خطوط الصدع (geological faults)، مما يؤدي إلى تراكم التوتر. عندما ينمو التوتر بشكل كبير جداً، يمكن أن ينزلقوا فجأة فوق بعضهم البعض، مما يتسبب في نوع الزلزال الذي تعرضت له تركيا وسوريا.
تركيا هي نقطة ساخنة للزلازل، إذ يقع جزء كبير منها على صفيحة الأناضول (Anatolian plate)، وهي كتلة صغيرة من القشرة محصورة بين أربع لوحات أخرى، بما في ذلك الصفيحة العربية (Arabian plate) إلى الجنوب الشرقي، والتي تتجه نحو الشمال الغربي، والصفيحة الأوراسية (Eurasian plate) الأكبر بكثير إلى الشمال، والتي تتحرك باتجاه الجنوب الشرقي (انظر الخريطة).
الزلازل شائعة، على الرغم من أن معظمها يحدث على طول صدع شمال الأناضول (North Anatolian fault)، الحدود مع الصفيحة الأوراسية، والتي تمتد بالقرب من اسطنبول، ووقع الزلزال الأخير بمحاذاة صدع مختلف، وهو صدع شرق الأناضول (East Anatolian Fault)، الذي يسير مع الصفيحة العربية.
لقد تآمرت العديد من الأشياء لجعل هذا الزلزال مدمراً بشكل خاص، فالزلزال الأول قد قُدرت قوته بـ 7.8، وسجلت أقوى هزة ارتدادية 7.5. في المتوسط، يوجد حوالي 15 زلزالاً أقوى من 7 درجات سنوياً. (نظراً لأن المقياس لوغاريتمي، فإن كل زيادة بمقدار نقطة واحدة في الحجم تعني زيادة مقدارها 32 ضعفاً في كمية الطاقة المنبعثة)، كما أن أصل الزلزال الضحل نسبياً (يشير التحليل الأولي إلى أن تركيزه كان بعمق 18 كم فقط، أو 11 ميلاً) وذلك أدى إلى تضخيم مقدار القوة المحسوسة على السطح.
العوامل الموجودة فوق سطح الأرض جعلت الأمور أسوأ، حيث وقع الزلزال الأول في الليل، عندما كان الناس نائمين في الداخل، ولم يكن أمامهم سوى فرصة ضئيلة للهروب، أما العامل الثاني الذي لعب دوراً كبيراً في تردي الوضع فهو برد الشتاء لأنه سيهدد بقاء المحاصرين تحت الأنقاض، وفي سوريا كذلك كان الوضع متردياً بسبب سنوات الحرب الطويلة التي دمرت الكثير من المحافظات السورية، وقد تكافح السلطات لتنظيم استجابة فعالة.
على الرغم من أن علماء الأرصاد الجوية يمكنهم التنبؤ بالكوارث مثل الأعاصير أو الفيضانات، إلا أن علماء الزلازل لا يمكنهم فعل الشيء نفسه مع الزلازل (على الرغم من أنها منطقة بحث نشطة)، فأكثر ما يمكنهم تقديمه هو الأجهزة التي تكتشف موجات الضغط السريعة من الزلزال التي تصل قبل قليل من ظهور موجات القص المتشنجة (ground-convulsing shear waves) على الأرض، لكن هذه التحذيرات لا تتجاوز دقيقة واحدة أو أكثر، كما أن صيانة هذه الأجهزة باهظة الثمن.
في الوقت الحالي، أفضل ما يمكن فعله هو الاستعداد للأسوأ، فالدول المعرضة للزلازل ومن بينها تركيا، تطلب عموماً، وبشكل دئام، تشييد المباني العالية المقاومة للزلازل، لكن العديد من الصروح قد تم بناؤها قبل اعتماد هذه القواعد، والفساد يعني تجاهل القواعد في كثير من الأحيان من قبل البناة. ويتم إعاقة الاستعداد بشكل أكبر أنه، حتى في المناطق الساخنة، نادراً ما تكون الزلازل مدمرة حقاً. فلم يسجل صدع شرق الأناضول أي زلزال بهذا الحجم منذ ظهور أنظمة المراقبة الحديثة، منذ أكثر من قرن مضى.