رفيده عبد الكريم حسين

Published On: يناير 11th, 2023

تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي فيلفت انتباهك فيديو لطفل يجرب طرفه الاصطناعي ذي الألوان المشرقة والسعادة تغمره فتغمرك أيضاً وتقول لنفسك لو أننا نستخدم هذه التقنيات لصناعة مثل هذه الأطراف الاصطناعية كم سيسعد الأطفال وكم ستصبح حياتهم أسهل وكم تطور العلم… هذا ما كان يراودنا جميعا حين قررنا الانضمام للفريق مخبر الطباعة ثلاثية الأبعاد في جامعة دمشق عام 2019 وبكل بساطة يمكنني القول أننا عشنا مثل هذه اللحظات التي توثقها الفيديوهات لكن هناك جانب نسكت عنه ولا نرويه لأننا نروي بداية الحكاية فقط… فبعد تصنيع ما يقارب 50 طرف صناعي علوي مطبوع كنا أمام حقائق لا بد من مواجهتها وعلينا البحث عن حلول لها، قد تبدو الطباعة ثلاثية الأبعاد تقنية واعدة بسبب انخفاض تكلفتها وخفة وزن موادها مقارنة بالطرائق التقليدية للتصنيع لكنها بالمقابل تواجه كل ما تواجهه الأطراف التقليدية من مشاكل مضافاً لها مشاكل خاصة بها، سأسرد لكم بعض الحقائق التي عليكم معرفتها قبل البحث أو العمل على تطوير أي طرف صناعي علوي بصرف النظر عن التقنية المستخدمة إذا كنت تفكر جدياً في تحويله لمنتج حقيقي يخدم الناس فعليك معرفة:

حتى الأطراف الإلكترونية هناك من لا يريدها:

هناك ارتفاع ملحوظ في نسب التوقف عن ارتداء الأطراف الاصطناعية العلوية بين مستخدميها، حيث تتراوح النسبة ما بين 6-100% للأطراف الميكانيكية غير الفعالة و80-87% للأطراف المقادة بحركة الجسم وحتى 75% للأطراف الإلكترونية، ويعزى هذا لعوامل عدة تتعلق بالطرف الاصطناعي من ناحية التصميم وحاجته المتكررة للضبط والإصلاح والاستبدال، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الطرف الاصطناعي وخدماته [1, 2].

Source: https://nypost.com/2015/02/25/bionic-hands-are-here-and-3-austrians-are-first-to-have-them/

ليس لكل الحالات أطراف صناعية:

مع الأسف توجه شركات الأطراف الاصطناعية تصاميم منتجاتها لحالات البتر الأشيع وهي البتر عبر الساعد، بالمقابل يظهر لدينا في سوريا نسبة مرتفعة 14% للتشوهات الولادية للأطراف العلوية وكذلك نسبة 21% لحالات بتر اليد الجزئي (انظر المرجع 4) على خلاف العديد من الدول من حيث نسب الانتشار، وتحتاج هذه الحالات لتصاميم وفقا لحالة البتر أي نحن بحاجة لتصاميم أطراف صناعية موجه للأطفال ولحالات البتر الجزئي لليد تكون سهلة التصميم والتعديل لتوافق عدد كبير من حالات البتر وتتكيف مع النمو المستمر للطفل وتغير أبعاد جسمه.

الشكل على حساب الوظيفة:

يرتدي ما يقارب 70 % من مستخدمي الأطراف الاصطناعية العلوية في سوريا أطراف تجميلية فقط (انظر المرجع 4) أي الغاية والفائدة الوحيدة للطرف الاصطناعي هي الظهور بمظهر طبيعي فقط وليس لتأدية أي وظيفة مفيدة من وظائف اليد، وتتفق هذه النسبة وتفضل الأطراف الاصطناعية المطبوعة ذات اللون والمظهر الأقرب للطبيعي والرفض المطلق للألوان أو التصاميم الوظيفية، ويعلل هذا التفضيل بخيبة أمل مستخدمي الأطراف الاصطناعية من أطرافهم الاصطناعية التي لا تحقق الكثير من وظائف الطرف الطبيعي إلى رفض الشكل والحجم المختلف عن الطبيعي بسبب رفض المجتمع لتقبل اختلافهم وهذا ظهر معنا من خلال المقابلات الهاتفية مع الأشخاص الذين حصلوا على أطراف مصنعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث كان هناك عبارات من قبيل “لم اسمح لابنتي بارتدائه…شكله فظيع رغم أنه خفيف الوزن” “حقاً تريد أن يرتدي ابني قطعة بلاستيك ملونة… هل تعتقد أن هذا طرف” “بالتأكيد هذا الطرف للاستخدام في المنزل لن يرتديه في الشارع…سيسخر الجميع منه” وهذا يتفق مع انخفاض نسبة رضا المبتورين الذين استخدموا الأطراف الاصطناعية المطبوعة الذين استخدموا تصاميم ذات شكل مختلف نوعاً ما عن الأطراف الطبيعية [3].

Source: https://neurosciencenews.com/prosthetic-intact-limb-9616/

الأهل والمجتمع جزء لا يتجزأ من عملية تركيب الأطراف الاصطناعية:

لا يتخيل الأهل والمجتمع مدى تأثيرهم على تقبل الشخص لاستخدام الأطراف الاصطناعية فهم من عليهم مسؤولية تقبل اختلافهم قبل تقبل الأشخاص لأنفسهم، وهذا يذكرني بتلك الفتاة التي جاءت للمخبر فقط لأن والدتها تريد أن ترتدي طرفاً يجعلها تبدو طبيعية رغم أنها متكيفة تماماً مع الحياة بدون طرف صناعي وذلك الشاب الذي أراد طرفاً صناعياً فقط ليمكنه من رفع سماعة الهاتف والعمل على الحاسب باليد الأخرى لأن زميله في العمل ينزعج من فتحه لمكبر الهاتف لأنه لا يتمكن من مسك سماعة الهاتف بيد والعمل على الحاسب بيد أخرى، يبدو أننا بحاجة إلى الكثير والكثير من برامج التوعية والتثقيف لتحقيق الدمج الحقيقي لفاقدي الأطراف العلوية في المجتمع وهذا يفتح المجال للكثير من البحوث النفسية والاجتماعية ذات الفائدة الكبيرة، فمستخدمي الأطراف الاصطناعية باتوا شريحة كبيرة وجزء من المجتمع

رابط لمخبر الطباعة في جامعة دمشق لاختيار فيديو

https://www.facebook.com/3dmed

المراجع:

[1] Resnik, L.; Borgia, M.; Heinemann, A. W.; Clark, M. A. (2020). Prosthesis satisfaction in a national sample of Veterans with upper limb amputation, Prosthetics and Orthotics International, Vol. 44, No. 2, 81–91. doi:10.1177/0309364619895201

[2] Biddiss, E.; Chau, T. (2007). Upper-limb prosthetics: Critical factors in device abandonment, American Journal of Physical Medicine and Rehabilitation, Vol. 86, No. 12, 977–987. doi:10.1097/PHM.0b013e3181587f6c.

[3] http://journal.damascusuniversity.edu.sy/index.php/engj/article/view/5283

[4] http://journal.damascusuniversity.edu.sy/index.php/engj/article/view/4668

رفيده عبد الكريم حسين
رفيده عبد الكريم حسين
دكتوراه في الهندسة الطبية من جامعة دمشق- اختصاص أطراف صناعية ، مدرس في جامعة الأندلس للعلوم الطبية

Leave A Comment